اضطراب طيف التوحد #Autism_Spectrum_Disorder #ASD
تم اعتماد شهر نيسان عالمياً كشهر للتوعية حول التوحد Autism_Awareness_Month# لذلك سنفرد سلسلة من المقالات عن هذا الاضطراب النفسي السلوكي الذي ينتشر أكثر فأكثر
التوحد هو اضطراب في التطور النفسي و العصبي عند الطفل يظهر عادةً خلال السنوات الثلاث الأولى من عمره
و يشمل تأخر التطور لدى الأطفال المصابين بالتوحد مجالات عديدة تتنوع و تختلف بين طفل و آخر , و من هنا تسمية التوحد بأنه " اضطراب طيفي " فهو يشتمل على طيف واسع من الأعراض المحتملة التي قد يوجد بعضها عند مصابين و لا يوجد عند مصابين آخرين , كما تتباين درجة حدة الأعراض بين إصابة خفيفة و متوسطة و متقدمة
و يقع تشخيص اضطراب طيف التوحد على عاتق الأطباء النفسيين , لكن أطباء الأطفال لهم دور في ذلك أيضاً , خصوصاً من منهم تمرس و تعمق في التعامل مع حالات التوحد ..
و تندرج مجمل أعراض تأخر التطور في التوحد ضمن شقين :
1- تأخر و تقصير في التواصل و التفاعل الاجتماعي : مثلاً قد نلاحظ أن الطفل المتوحد لا يلتفت عندما نناديه رغم أن سمعه جيد , أو قد يهتم بالأشياء أكثر من الأشخاص و لا يجب اللعب مع أقرانه من الأطفال , و نلاحظ لدى نسبة كبيرة من أطفال التوحد وجود تدني في #التواصلالبصري #Eye_Contact و قد لا يتبع الطفل إشارة الإصبع إذا أشرنا له إلى شيء بالإصبع , و في معظم الحالات تكون لدى الطفل مشاكل في اللغة و تأخر فيها , فكما هو معلوم في عمر السنة تقريباً يبدأ الطفل بلفظ أحرف أو أجزاء من كلمات مثل بابا , ماما ( فيما نسميه بابياج )
بينما الطفل المتوحد تتأخر لديه هذه القدرات اللغوية كما لا يتجاوب عندما يحاول الأهل استنطاقه ببعض الأحرف فيما نسميه بالعامية ( كاغي ) للطفل .. و قد تتطور اللغة فيما بعد لدى الطفل المتوحد لكن بشكل محدود و ضيق مختلف عن بقية الأطفال فمثلاً قد يقلب الضمائر فيستخدم ضمير الغائب عن نفسه ( بالعامية بدو بدلاً من بدي ) أو قد يكون صوته وحيد النغمة و يفتقر إلى تلون في النغمة و كأنه آلة .. و المعنى الاجتماعي و التفاعلي للغة لدى طفل التوحد مفقود أو متأخر ( هذا إن وجدت اللغة ) .. و نلاحظ لدى الطفل المصاب بالتوحد ضعف في #الانتباهالمشترك Joined_Attention# فمثلاً إذا أردنا الدلالة على شخص نستخدم الإصبع للإشارة في حين نلاحظ أن طفل التوحد إذا أراد شيئاً ربما يمسك يد أمه و يأخذها إلى مكان الشيء بدلاً من الإشارة إليه بنفسه و إذا أحب أن يريها شيئاً ما لا يقوم بذلك فلا يشارك الآخرين اهتماماته .. فالتشارك و التواصل بين الطفل و محيطه ضعيف ,
لكن حسب درجة كل حالة , فقد يكون لديه تواصل متوسط مع المحيط , و رغم ضعف تواصله مع الآخرين قد يتمكن من التفاهم مع المقربين منه كأمه مثلاً
2- #الأنماطالمتكررةللسلوك #Repetitive_Patterns_of_Behavior : نلاحظ أن الطفل المتوحد يكرر حركات معينة محدودة قد يكون من الصعب أن يتعلم غيرها , أو قد يكون مولعاً بأصوات معينة أو أشكال معينة أو حيوانات معينة , كما قد ينزعج من أصوات معينة , و قد يتمسك بنمط روتيني معين في طقوس يومية , فمثلاً إذا اعتاد الذهاب مع والده إلى بيت جده عبر طريق معين , قد يتوتر أو يبكي أو يعصب إذا تم تغيير الطريق .. و قد نلاحظ محدودية أفكاره في اللعب فهو مثلاً قد يرتب الألعاب بدلاً من اللعب بها و ليست لديه قصة أو خيال في اللعب , فعندما نقدم دمية لطفلة من المألوف أن تحاول لعب دور أمها فتتظاهر بأنها تطعمها أو تمشط شعرها كنوع من تقليد لأمها و هذا طبيعي نظراً لنمو المهارات الاجتماعية و أنماط اللعب التي تتضمن الخيال لدى الطفل .. بينما الطفل المتوحد يفتقر إلى ذلك .. كما لا يتكسب الطفل المصاب بالتوحد بسهولة عادات و تصرفات أهله بخلاف الطفل الطبيعي الذي كثيراً ما يقلد تعابير وجه أهله ..
و ليس أي من هذه الأعراض يدل على التوحد بمفرده , إنما هي مجموعة من الأعراض المحتملة و ليست شرطية أي أنها قد توجد أو لا توجد , فكثير من الأطفال قد يتأخرون في الكلام , و لا يعني ذلك بالضرورة أن لديهم توحد .. أيضاً قد تكون لدى بعض الأطفال طبيعة انعزالية , إنما لا يعني ذلك بالضرورة أنهم مصابون بالتوحد ..
و قد يترافق التوحد مع تأخر ذهني لدى الطفل أو قد لا يترافق معه ..
و حسب التصنيف القديم للتوحد هناك نوع منه لا يترافق مع مشكلة في اللغة و لا يتضمن تأخراً ذهنياً , إنما يشتمل على تأخر في التواصل الاجتماعي فحسب , و هذا النوع يسمى متلازمة أسبرغر #Asperger's Syndrome لكن في التصنيف الحديث للأمراض و الاضرابات السلوكية و النفسية تم إلغاء هذا النوع من التوحد و إدراجه من اضطراب طيف التوحد نفسه
و يلاحظ أن الصبيان لديهم نسبة إصابة بالتوحد أكثر من البنات بأربع مرات , كما يلاحظ زيادة معدل ظهور التوحد بين الأطفال في السنوات الأخيرة عما سبق , فمنذ حوالي 30 سنة كان التوحد يذكر على أنه حالة نادرة قد لا تتجاوز نسبتها 1 من بين كل 10000 طفل أو أدنى من ذلك , بينما وصلت النسبة عالمياً في هذه الأيام إلى 1 من بين 100 طفل, تصليح مضخات بل حتى تفيد الإحصائيات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى ارتفاع النسبة أكثر من ذلك و بمعدل قد يصل إلى 1 من أصل 50 طفل
للحديث بقية